الثلاثاء، 29 يونيو 2010

الشيخ محمود شاكر كما عرفته

د. عبدالقدوس أبو صالح

عرفت العلامة الكبير الأستاذ محمود شاكر ـ رحمه الله ـ منذ أكثر من ثلاثين سنة، في مستهل دراستي في كلية آداب القاهرة لنيل درجة «الماجستير» وامتدت هذه الصلة إلى مرحلة «الدكتوراه» حين أقمت في القاهرة متفرغا سنة كاملة. كنت أتردد خلالها على منزله العامر في معظم أيام الأسبوع، أمكث فيه من العصر إلى جنح من الليل، أفيد من مكتبته العامرة وعلمه الغزير، وربما قصدته في الضحى والمساء.. حتى كأني أصبحت فرداً في أسرته، دون أن أجد منه تثاقلاً أو إعراضا. بل كان ـ رحمه الله ـ لا يتردد في مناولتي أي كتاب أطلبه، إذا لم يكن في غرفة مكتبه، فهو يأتي به من إحدى الغرف الداخلية التي امتلأت برفوف الكتب. واستمرت صلتي بشيخي الجليل إلى ما بعد مرحلة الدكتوراه، إذ قلما زرت القاهرة دون أن أقصد شيخ العربية برّاً به، ووفاء له، واستزادة من علمه وفضله، وهو الذي أفتخر بتخرجي عليه في منهج التحقيق الذي تفرد به، وقد أشرت إلى ذلك في مقدمة رسالتي للدكتوراه عن تحقيق «شرح ديوان ذي الرمة» لأبي نصر الباهلي صاحب الأصمعي، حيث أقول: «أما العلامة المحقق الأستاذ محمود محمد شاكر فإنه ـ على عادته في إحياء مآثر السلف الصالح ـ فتح لي أبواب مكتبته العامرة، أنهل منها ومن علمه الغزير. وكنت ألجأ دائما إلى معرفته الواسعة، وعبقريته المشهودة في حل المعضلات، وفك المعميات، فجزاه الله عني وعن العربية أوفى الجزاء». وعندما كلفتني جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتحقيق كتاب «العفو والاعتذار» للرقّام البصري قلت في مقدمته: «وإني لأجزل الشكر لأستاذي العلامة المحقق محمود شاكر الذي اطلع على الكتاب قبل تقديمه إلى المطبعة. فأفادني من علمه الغزير حروفا، أثبتها في مكانها معزوة إليه» كان الشيخ أقرب إلى الطول، شديد السمرة، في شعره الذي خالطه الشيب جعودة يسيرة، تغطي عينيه اللتين أضنتهما الكتب المطبوعة والمخطوطة نظارة مضاعفة العدسة. وكانت أسارير وجهه توحي بالجد والرصانة، ومع ذلك فقد أوتي روحا مرحة، تطرب للنادرة. حتى تحس أنه يضحك لها من قلبه وجوارحه كلها، وكأنه طفل غرير، لا يحمل هما، ولا يعرف غما، وهو كثيراً ما يداعب تلاميذه، ويمازح خواص جلسائه، حتى إذا جد الجد فهو الليث عادياًً، كما يقول ابن المقفع، وويل كل الويل لمن يتعرض إلى عاصفة من غضبه العاصف المدمر، أو لسانه العضب الذي لا يعرف المهادنة، ولا يبالي بصغير أو كبير، حتى قيل إن زلة لسانه في ثورة غضبه على عبدالناصر هي التي أودت به إلى السجن دون أن تقبل فيه شفاعة الشافعين. وكان من بواعث غضبه الذي لا يكاد يهدأ حتى يثور، ومن عوامل حساسيته الشديدة التي كانت تؤرقه وتتلف أعصابه، ما نراه لدى عدد كبير من كبار العلماء الذين يتبحرون في العلم، وينقطعون إليه، حتى لا يكاد الواحد منهم يغادر بيته ليختلط بالناس، ويعرف أحوال المجتمع عن كثب، وهذا ما يوقعهم في حالة من عدم التلاؤم مع غيرهم، ومن عدم الرضا عن الظروف المحيطة بهم وبأمتهم، وبخاصة أنهم قد يصابون بالإحباط واليأس، إذ يطمحون أن يغيروا من حولهم، وأن يرفعوهم إلى مستوى مطامحهم وأمانيهم في نهوض الأمة من كبوتها، وفي عودتها خير أمة أخرجت للناس، وهم يريدون لمن حولهم أن يكونوا على ما هم عليه من الجد والمثابرة والإخلاص والاستقامة، والوعي بطريق الخلاص وأسس النهضة.. ولكن هيهات هيهات!.. كان البرنامج اليومي للشيخ فيما رأيته خلال سنة ونيف، يبدأ بالكتابة في فترة الصباح إلى الغداء، ثم تأتي فترة القراءة حيث يستلقي الشيخ على أريكة طويلة بعد أن يختار أحد الكتب من منضدة طويلة تتوسط قاعة الجلوس، وقد اختلطت فيها أنواع الكتب ما بين تراثي قديم ومعاصر جديد، وما بين كتب لغوية وفكرية، وما بين دراسات أدبية أو دواوين شعرية. فإذا أدى الشيخ صلاة المغرب جاء وقت الراحة، يستقبل فيه الخلص من أصحابه، أو يسامر ولديه الصغيرين آنذاك،: فهراً وزلفى، أو يجلس أمام شاشة «التليفزيون» غير متحرج من ذلك. أما مساء يوم الجمعة فإن بيت الشيخ ينقلب من بعد صلاة المغرب إلى ندوة أدبية وفكرية وسياسية، يلتقي فيها أصحابه من الأدباء والشعراء والمفكرين وطلاب الدراسات العليا، وتدور الأحاديث في هذه الندوة في شتى الموضوعات، التي يثيرها خبر من الأخبار، أو حدث من الأحداث المهمة المحلية أو العالمية، أو سؤال يطرحه أحد الحضور. وما يكاد الشيخ يخرج من بيته إلا لضرورة ماسة: من زيارة لطبيب، أو مرور على خياط، أو مناسبة ملحة لا يستطيع دفعها، وما أندر مثل هذه المناسبات في حياته. وقد تعرفت في منزل الشيخ على عدد من كبار الشخصيات، منهم الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر، والشيخ عبدالخالق عضيمة إمام النحو، والأديب الكبير الأستاذ يحيى حقي، والشاعر الكبير الأستاذ محمود حسن إسماعيل، والدكتور حسين نصار الأستاذ بكلية آداب القاهرة والدكتور ناصر الدين الأسد الذي كان آنئذ في جامعة الدول العربية، والدكتور محمود الطناحي الذي كان من أصحاب الشيخ الخلص وأقربهم إلى قلبه. وكان ممن صحبتهم إلى منزل الشيخ وعرفتهم إليه معالي الدكتور عبدالله التركي عندما كان عميداً لكلية اللغة العربية بجامعة الإمام، وقد امتدت علاقته به حتى دعاه إلى إلقاء عدد من المحاضرات العامة، عندما أصبح مديراً لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم أمر بإصدار طبعة خاصة من كتاب المتنبي، ومنهم الدكتور عبدالله العسيلان الذي كان مبتعثا للدراسات العليا، ثم ما لبث أن أصبح من الملازمين للشيخ ومن المهتمين برعايته إلى آخر عمره. على أن ما أشرت إليه من البرنامج اليومي للشيخ لابد أنه كان في الشطر الأخير من كهولته.. وإلا فكيف أتيح له أن يحيط بالتراث إحاطة لا يدانيه فيها أحد من المعاصرين.. ومن المعروف أن الشيخ محمود شاكر أخذ يثقف نفسه وفق برنامج شامل، اختطه لنفسه بعد صدامه مع الدكتور طه حسين، وتركه الجامعة. وهو في السنة الثانية من سني الدراسة، ومضى يأخذ نفسه بالجد والمثابرة على تحصيل العلم، والتضلع بالتراث، قراءة للكتب، وحفظاً لدواوين الشعر، وهو مايزال في ريعان الشباب، يرى إلى أترابه يهزلون ويجدون، ويلهون ويرتعون، وهو ماض إلى غايته كما يمضي أولو العزم من الرجال، واستطاع بذلك أن يجمع بين الثقافة العربية والإسلامية، وبين الثقافة الغربية، إذ كان يجيد الإنجليزية إجادة تامة. وقد أعانه على تلك الثقافة الواسعة الشاملة أمور عدة، منها نشأته في بيت علم متوارث، إذ كان والده ـ رحمه الله ـ شيخ علماء الإسكندرية،. ثم صار وكيلاً للجامع الأزهر، ومنها ذلك التحدي الذي كان من جراء صدامه مع الدكتور طه حسين وتركه للجامعة، ومنها تعهد أخيه الشيخ أحمد ـ رحمه الله ـ له، ومنها، وهو أعظمها، تلك الذاكرة العجيبة التي شهدت عجائبها بنفسي، والتي أسوق طرفا مما أذكره منها خلال ملازمتي له في منزله سنة بل أكثر من سنة. فمن ذلك أني كنت أنظر في لسان العرب في مكتبته، فرأيت في بعض الصفحات إشارات تشبه إشارة الضرب في الحساب (*) وليس بجانبها أي تعليق كان، وقد دفعني الفضول إلى أن أسأله عن هذه الإشارات المبهمة، فقال لي: غفر الله لأخي الشيخ أحمد فقد كان يطلب إليّ أن أحفظ ما بين كل إشارة وتاليتها في زمن يحدده لي، وكان الشيخ أحمد يكبر أخاه بنحو من سبعة عشر عاماً. ومن شواهد حفظه للشعر القديم ما رأيته من محاورة تمت أمامي بين الصديق الدكتور محمد علي الهاشمي وبين الأستاذ الدكتور حسين نصار، وكان الدكتور الهاشمي يحقق جمهرة أشعار العرب، فسأل الدكتور حسين نصار عن بعض الأبيات في الشعر الجاهلي لم يهتد إلى قائلها، وما كان من الدكتور حسين نصار إلا أن قال له دون تردد: اسأل شيخك محمود شاكر فهو يحفظ الشعر الجاهلي. وكنت في أثناء تحقيقي لشرح ديوان ذي الرمة وقفت حائراً أمام نحو أربعين شاهداً من شواهد الشرح، لم أستطع الاهتداء إليها في مظانها على مابذلت من جهد، ولما سألت الشيخ محمود شاكر عنها، إذا به يرشدني فوراً إلى نحو نصفها، ذاكراً اسم القائل واسم المصدر الذي يحتوي الشاهد، أما النصف الآخر فقد أراد أن يسهل عليّ متابعة البحث عنها، فقال لي عن كل شاهد منها: ليس هذا البيت معروف القائل، ولا هو من شعر فلان وفلان وفلان. وقد وقفت عاجزاًً عن تخريج عبارة وردت في أثناء شرح ديوان ذي الرمة، وهي قولهم: «إن ابن آدم ومتاعه على قَلْت إلا ما وقى الله، أي: على هلاك».. ولما سألت عنها الشيخ محمود لم يتلبث في الإجابة بأكثر مما يتلبث المشتغل على الحاسوب «الكمبيوتر» في الضغط على أزرار الجهاز، ثم قال لي: «أظن أني قرأت هذه العبارة في الطبعة القديمة لكتاب «البيان والتبيين» للجاحظ، ومادامت الطبعة التي حققها الأستاذ عبد السلام هارون تحتوي على فهرس لغوي فانظر فيها لعلك تجد هذه العبارة». وقمت من فوري لأنظر في البيان والتبيين، حيث وجدت العبارة بنصها، وأخذ مني العجب مأخذه حين قرأت في مقدمة التحقيق التي كتبها الأستاذ عبدالسلام هارون أن الطبعة القديمة التي قرأها الشيخ محمود شاكر، ورأى فيها تلك العبارة، مضى على صدورها نحو من ستين عاما. على أن أطرف ماحدث بيني وبين الشيخ محمود شاكر أني سألته عن معنى بيت عويص من شواهد شرح ديوان ذي الرمة، ولما أخذ ينظر في البيت رآني قد عزوته إلى كتاب «معاني الشعر» للاشنانداني، فأنكر عليّ ذلك، ومضى على عادته يسلقني بلسانه الحاد قائلا: لا أدري كيف تدرّس في الجامعة وأنت تخطئ في عزو بيت من الشعر إلى مصدر لم يرد فيه. وأجبت قائلا: ـ إنني تلميذك يا أستاذ محمود، وقد درّست في الجامعة نحواً من ثماني سنوات، ومن المحال أن أقع في مثل هذا الخطأ الذي لا يقع فيه طالب مبتدئ. وهنا ثارت ثائرة الشيخ وقال بالحرف الواحد: - انتظر، وسأريك مدى جهلك ومكابرتك. وأسرع الشيخ إلى إحدى الغرف الداخلية ـ وغرف البيت كلها مملوءة بأرفف الكتب كما قدمنا ـ وجاء بكتاب «معاني الشعر» للأشنانداني، وفتح الكتاب على الصفحة التي عزوت إليها الشاهد العويص، فإذا بالشاهد مثبت في الكتاب كما عزوته بالضبط، وهنا احمر وجه الشيخ خجلا، وظهرت عليه أمارات الضيق والتبرم، وكان يتلفت يمنة ويسرة، ويعيد النظر في الكتاب، وكأنه لايصدق ما يرى بأم عينه، ولا يصدق أن ذاكرته العجيبة قد خانته هذه المرة. وقلت للشيخ مهدئا من روعه، بعد أن أخذت الكتاب من يديه، ونظرت في غلافه وعرفت اسم المحقق.: ـ هون عليك يا أستاذ محمود، فأنت قرأت كتاب معاني الشعر في طبعته التي حققها الأستاذ عز الدين التنوخي، وأنا رجعت في عزو هذا البيت إلى الطبعة التي حققها الدكتور صلاح الدين المنجد الذي عثر على مخطوطة للكتاب لم تصل إلى الأستاذ التنوخي، وفي هذه المخطوطات زيادات منها هذا البيت دون شك. وسارع الشيخ محمود شاكر مرة أخرى ليأتي من إحدى الغرف بطبعة الأستاذ عز الدين التنوخي، وتأكد أن الشاهد لم يرد فيها، وعندئذ تنفس الصعداء قائلا: الله يرضى عليك.. لقد خفت أشد الخوف وقلت: محمود شاكر قد خرف. ولعل من شواهد ذاكرته العجيبة، واطلاعه الواسع على التراث، ما ذكره إمام النحو الشيخ محمد عبدالخالق عضيمة في مقال له بعنوان« الأستاذ محمود شاكر، كيف عرفته» وقد نشر هذا المقال في الكتاب الذي أصدره أصحاب الشيخ محمود شاكر بعنوان «دراسات عربية وإسلامية» بمناسبة بلوغه السبعين من العمر. قال الشيخ عضيمة: «عرفنا الأستاذ محمود على البعد، إلى أن قاربنا نهاية الدراسات العليا، واجتمعنا في منزل شيخنا «حمود نور الحسن» لقراءة درس «التعيين» سنة 1940م، ومعنا أربعة من كبار شيوخنا، وكان موضوع درس «التعيين» توابع المنادى، ثم فاجأنا الأستاذ محمود بزياته ونحن نقرأ: (يازيدُ عائدَ الكلب) فسألنا: أعائد الكلب بالدال أم عائذ الكلب بالذال؟ فقلنا: الذي في كتابنا عائد الكلب بالدال، فأجاب على الفور: عائد الكلب جماعة، منهم فلان وفلان.. وسُمّي عائد الكلب لقوله: مالي مرضت فلم يعُدني عائد منكم ويمرض كلبكم فأَعُود وعائذ الكلب، بالذال جماعة.. ثم تركنا واتجه إلى مكتب الشيخ نور، وحينئذ علت وجوهنا الدهشة، وتملكنا البهر من روعة هذه المفاجأة، وملأ نفوسنا الإعجاب به، والإكبار له». ولم تكن ذاكرة الشيخ الفريدة، ولا اطلاعه الواسع الشامل، هما اللذان أوصلا الشيخ محمود شاكر إلى أن يكون شيخ العربية دون منازع، وإن أعانا على بلوغه تلك المنزلة العالية، ولكن الذي بوأه مكانته طول معايشته للتراث، وطول تأمله فيه، حتى خالط لحمه ودمه، وحتى ألقى إليه مقاليده وأسراره، فكان كما شهدت وشهد الكثيرون أفرس الناس ببيت الشعر، وكان صاحب أسلوب كالبنيان المرصوص، وكان أن ندب نفسه ليكون سادنا للغة القرآن، وحاميا لتراث الأمة ونذيراً لها من هجمة التغريب الشرسة. فأما فراسته في الشعر فقد كنت شاهداً عليها، إذ كنت أقف حائراً أمام كثير من أبيات ذي الرمة الغامضة، وكان شارح الديوان أبو نصر الباهلي صاحب الأصمعي يشرح بعض الأبيات بما يقارب نصف الصفحة فيصيب في بعضها، ويترك بعضها الآخر، وكانت بعض شواهد الشرح أشد غموضا من أبيات ذي الرمة، وكنت أعرض البيت العويص على الشيخ الخبير فكان يأخذ البيت بين يديه، ويتأمله ملياً، ثم يتركه هنيهة ليعيد النظر فيه، وهو في أثناء ذلك يتلفت يمنة ويسرة حتى تحس ما يعانيه من كد الذهن واستفراغ الجهد.. فإذا أدرك المعنى وحلّ المعمّى جاء به كفلق الصبح. وقد يستغلق عليه البيت، ولا يجد له معنى يرتضيه، وهذا ما كان يقع أحيانا في بعض شواهد الشرح في ديوان ذي الرمة، وكان الشيخ يعترف باستغلاق البيت، حين لا يفتح الله عليه بمعنى يرتضيه، وكان يقول لي دون مواربة أو تكلف: اترك هذا البيت. وأما أسلوب الشيخ محمود شاكر فقد كان منتزعاً من كبد التراث، وقد قرأ عليّ مرة مقالة قديمة له في مجلة الرسالة، فكنت أحس أن أسلوبه أشبه ما يكون بالبنيان المرصوص إحكاما وقوة وجزالة، ومازلت أذكر في هذا المقال الذي أسمعني إياه، بعض الألفاظ التي ماتت في أساليب المعاصرين، ولكنه كان يحاول إحياءها، فيدخلها عامداً في تضاعيف عباراته. ومن تلك الألفاظ في المقال المشار إليه كلمة «عُمّار البيت» وهي الحيّات الصغار التي تلازم البيوت، وكلمة «تنغّّش» أي تحرك بعد سكون يشبه الموت. وكم وقفت أمام ما كان يفعله الشيخ في شرح الغريب، فيما حقق من كتب التراث، إذ لم يكن يكتفي بما في المعجمات من إيجاز مبهم أو ملبس، حتى ىأتي بالشرح الوافي من عنده، ومن ذلك تفسير كلمة «القلْت» إذ ذهبت معظم المعجمات إلى أن من معانيها «النقرة في الجبل» ولكن الشيخ محمود شرح القلت بقوله على ما أذكر: «القلت، نقرة في الصخر، يجتمع فيها ماء المطر، فتضربه الريح، فيكون أعذب ماء يشرب» وأما منهج الشيخ محمود شاكر في التحقيق فقد كان في جانب من جوانبه، يعكس قسوة الشيخ على نفسه، قبل أن يقسو على من حوله من أهله وأصحابه وتلامذته، وعلى غيرهم من الأدباء والمفكرين، ومن الجماعات والأحزاب والحكام. وكان الشيخ محمود شاكر يعد تقصير المحققين للتراث خيانة سافرة لهذا التراث، وكان منهجه يقوم على استفراغ الجهد في التحقيق، بكل ما يقتضيه منهج التحقيق العلمي. وقد كلفني اقتدائي به، أن أمضيت سنتين كاملتين في جمع مخطوطات ديوان ذي الرمة، من شتى المكتبات العالمية، وفي دراستها وتصنيفها، بعد أن بلغت نحواً من 43 مخطوطة، وفي هاتين السنتين كان بعض زملائي أنهوا رسائلهم وناقشوها، ثم أمضيت أربع سنوات في تحقيقها. وكنت أقع في حيرة بين تشدد شيخي الأستاذ محمود شاكر، ورغبة أستاذي الدكتور شوقي ضيف في أن يخفف عني ما كنت أعانيه في هذا العمل الضخم، إذ كان يقول لي: «لا داعي لجمع سائر مخطوطات ديوان ذي الرمة وقصيدته البائية، ولا داعي أن تقسو على نفسك هذه القسوة البالغة في التحقيق، لأني أريد أن أناقشك قبل أن أموت» ولكني آثرت التشدد والأناة، إذ كنت أذكر ما جاء في الحديث الشريف: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» وكنت أخجل أن أقصر في تحقيق الديوان عن المستشرق مكارْتني الذي كان قد حققه قبلي بسنوات طويلة. وجزى الله عني شيخ المحققين الأستاذ محمود شاكر خير الجزاء، فقد أدت محاولتي اتباع منهجه في التحقيق، إلى أن نالت الرسالة أكبر درجة عند مناقشتها، وعندما اطلع الدكتور حسني سَبَح رئيس مجمع اللغة العربية عليها بطريق المصادفة، تبنى تقديمها إلى المجمع، لتكون أول رسالة دكتوراه في منشورات المجمع العتيد. وهل أدل على قسوة الشيخ على نفسه في منهج التحقيق، وهو في الوقت ذاته دليل على تبحره في اللغة، مما نجده في فهارس طبقات فحول الشعراء، إذ نجد فهرسا عجيبا بعنوان «ألفاظ من اللغة، أخلّت بها المعاجم أو قصرت في بيانها» وقد جاء هذا الفهرس العجيب في أربع صفحات ونصف الصفحة، وما كان الشيخ محمود شاكر ليضع لفظة واحدة في هذا الفهرس الكبير، الذي استظهره من تحقيقه لكتاب واحد، لولا أنه استعرض كتب اللغة ومعجماتها، ثم وضع نفسه نداً لأئمة اللغة التي ألفوها، ومضى يستدرك ما أخلوا به أو قصروا في بيانه. ويبدو أني أدركت الشيخ محمود شاكر بعد أن دخل في مرحلة غلب عليه فيها الصمت والاكتئاب، وداخله شيء غير قليل من اليأس، وقد ترك الكتابة في الصحف والمجلات، واكتفى بالتعبير عن آرائه مع الخاصة من زائريه أو في ندوة الجمعة المسائية في بيته، وكنت أستمع إليه عندما يرى العرب يختلفون ويقتتلون، ويهزلون ويعبثون، فيردد في حرقة بالغة: «إيه يا بني إسماعيل.. أنتم في تيه دونه تيه بني إسرائيل» وقد بلغ من رغبته في السكوت والعزلة عن الحياة العامة، أني في اليوم الذي قصدته مع معالي الدكتور عبدالله التركي، ليتعرف إليه، رأينا كلاً من الأستاذ مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ والدكتور ناصر الدين الأسد وقد سبقانا إلى زيارته، وقد تساءل الدكتور ناصر الدين الأسد عما يجب على الإنسان المثقف أن يقوم به أمام الاضطراب الفكري والسياسي والصراع العقائدي الذي يكاد يشمل العالم العربي كله؟ وسارع الشيخ محمود شاكر يقول: «يكفي أن يعبر الإنسان عن آرائه وموقفه أمام الذين يجيئونه في منزله». وعندما قلت له «يا أستاذنا إن ما تقوله، هو عين ما يريده الشيوعيون والملاحدة والعلمانيون، من أن يجلس المصلحون في بيوتهم، ويتركوا لهم الشارع ووسائل الإعلام، يعيثون فيها فسادا، دون أن يتصدى لهم أحد» وهنا انفجر الشيخ غاضبا على عادته قائلا: «أنت تريد إذن أن نقيم أحزابا وجمعيات،، ثم مضى في هجومه المعتاد عليها جميعاً. وعندما أقيمت ندوة عالمية عن الأدب الإسلامي في جامعة عين شمس، بالتعاون بينها وبين رابطة الجامعات الإسلامية، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية، قصدت منزل الشيخ محمود شاكر في يوم الجمعة، حيث يلتقي في بيته عدد كبير من الأدباء والمفكرين، مع نفر غير قليل من مريديه ومحبيه، وظننت أني أحمل لشيخنا ما يفرحه عن قيام رابطة الأدب الإسلامي، بمكاتبها المنتشرة في أنحاء العالم العربي والإسلامي، ومجلاتها التي تصدر بأكثر من لغة، ومضيت أحدث الحضور عن الأدب الإسلامي وأهمية الدعوة إليه، ليقف أمام المذاهب الأدبية المستغربة من الواقعية الاشتراكية إلى الأدب الوجودي إلى البنيوية وغيرها من المذاهب الشكلانية، إلى الحداثة، التي كانت دعوة إلى التحديث في ظاهرها وإلى التدمير في حقيقتها ومقاصدها. وكان الحاضرون يستزيدونني الحديث، ويطرحون الأسئلة عن الأدب الإسلامي ورابطته، وكنت أُجيب فرحاً بهذا التجاوب مع الأدب الإسلامي من نخبة مثقفة واعية.. وكان الشيخ صامتاً على عادته، ولم يكن يبدو عليه الضيق مما كنت أقول.. حتى إذا فرغت من الكلام قال: لقد تركتك تتكلم (من الصبح) فاسمع الآن ما أقول لك، ولشيخك أبي الحسن الندوي.. ومضى الشيخ يصب جام غضبه على هذه الدعوة، وعلى من دعا ويدعو إليها، ويؤكد أنه لا شيء إلا الأدب العربي فقط.. وأطال الشيخ في هجومه العنيف، وكان كلما أمعن في الكلام ازداد غضبه وانفعاله، حتى خشيت، والله، أن تصيبه نوبة قلبية، وكان بجانبي الصديق العالم المحقق الدكتور محمود الطناحي، فناشدته الله هامسا أن يجد طريقة لإسكات الشيخ، خشية أن يصيبه سوء، ولكن من الذي يستطيع أن يقف أمام الشيخ في ثورته العارمة وغضبه المشبوب، إلا من سولت له نفسه أن يجرفه تياره الذي ربما يجتاحه في طريقه. ومع ذلك كله، وعندما أردت الانصراف نهض الشيخ إلى الباب ليودعني، والتزمني معانقا بحرارة ومودة، وكأنه يودع ولده فهراً!. ولم أعجب لموقف شيخي من الأدب الإسلامي، ومن تعصبه للأدب العربي بخيره وشره، فقد سأله مرة أحد السائلين عن أبي نواس: أهو شاعر إسلامي؟.. فقال للسائل: «نعم هو شاعر إسلامي رغم أنفك». ذلك أن شيخنا وغيره ممن يقاربونه في نشأته وعمره، كانوا يخافون أن تكون دعوة الأدب الإسلامي دعوة شعوبية تنمو على حساب الأدب العربي، وتعمل على تجزئة الأدب إلى أدب عربي وإسلامي.. ولم يكونوا يقبلون من دعاة الأدب الإسلامي قولهم: إن الأدب العربي أدب منسوب إلى اللغة العربية، كما ينسب الأدب الإنجليزي إلى اللغة الإنجليزية، والأدب الياباني إلى اللغة اليابانية، وهذه النسبة اللغوية للأدب لا تعني ما في مضمونه من مذاهب أدبية متصارعة، وأن هذه المذاهب انتقلت من الآداب الغربية والشرقية إلى أدبنا العربي فجزأته، وجعلته أدباً مقلداً ومزوراً، وقسمت أدباءه إلى أتباع للواقعية الاشتراكية، أو للوجودية، أو للشكلانية، أو مذهب الفن للفن، وأخيرا للحداثة التي وصفها الدكتور محمد مصطفى هدارة ـ رحمه الله ـ في محاضرة ألقاها في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالرياض قائلا: «إنها في الحقيقة أشد خطورة من الليبرالية والعلمانية والماركسية، وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة، ذلك أنها تتضمن كل المذاهب والاتجاهات، وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني أو النقد الأدبي، ولكنها تعم الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية والفكرية على السواء». وما كان للأدب الإسلامي أن يضاد الأدب العربي، وهو الذي نشأ ونما وترعرع في محضن الأدب العربي، وما كان للأدب الإسلامي أن يزيد في تجزئة الأدب العربي، فهو مجزأ في الساحة الأدبية من قبل أن تقوم الدعوة إلى الأدب الإسلامي، ولكنه سوف يعمل على إلغاء تلك التجزئة، حين يكون، إن شاء الله، وريثا لتلك المذاهب الدخيلة، التي بدأت موجتها تنحسر، وبدأ عوارها يظهر منذ سقوط الشيوعية، ومنذ انحسار تيار التغريب أمام الصحوة الإسلامية. ولم يكن الشيخ محمود شاكر يخصّني بمودته، بل كان قلبه الكبير يتسع لكل تلامذته ومريديه، وكان إذا قسا عليهم في حضورهم فإنه يدافع عنهم في غيبتهم، ولا يقصر في مساعدتهم وعونهم، ويكفي أنه عرض عليّ أن أقرأ عليه تحقيقي لشرح ديوان ذي الرمة، ولكنه سرعان ما اعتذر عن المتابعة لضخامة الشرح، ولظروف الشيخ الشخصية آنذاك، ومع ذلك رجوته بعد سنوات أن يقرأ تحقيقي لكتاب العفو والاعتذار وهو في جزأين، فتقبل ذلك قبولا حسنا، وأفادني بما قدمته آنفاً في هذه الكلمة. وهكذا كان الشيخ محمود شاكر يرعى طلابه بعد تخرجهم ويفرح لفرحهم، ويحزن لما يحزنهم، وقد تحدث أحدهم في ندوة المفكر الإسلامي الدكتور أنور عشقي، وكان موضوع الندوة عن الشيخ محمود شاكر فقال: عندما أعرت إلى كلية المعلمين بالرياض قصدت منزل الشيخ محمود مودعا، وسألته إذا كان يريد شيئا أخدمه به في المملكة العربية السعودية، فقال الشيخ: نعم تحمل رسالة مني إلى الدكتور عبدالله العسيلان، وكان حينئذ عميداً للمكتبات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وحمل تلميذ الشيخ رسالته إلى تلميذه القديم الدكتور العسيلان، وهو لا يعلم ما في هذه الرسالة، وشاء الدكتور العسيلان أن يفض الرسالة أمام حاملها، فإذا بكل الذي فيها أمر من الشيخ إلى تلميذه الوفي الدكتور العسيلان بأن يرعى هذا الوافد الجديد، ويسهل عليه أموره، ويؤنسه في غربته. بل كان الشيخ يتعصب لتلاميذه، ويدافع عنهم، ويغار على سمعتهم، وكان يبالغ في ذلك أحيانا مبالغة الوالد الحدب على أبنائه.. فقد كنت عنده مع الدكتور محمد علي الهاشمي، وعرض ذكر أحد تلاميذه القدماء، وكان هذا التلميذ قد تبوأ منصباً كبيراً في بلده، فمضى يثني عليه ثناء تجاوز الحد، ولماحاولنا أن نخفف من غلوه في الثناء عليه مظهرين له أن هذا التلميذ يخالف الشيخ في كل ما يدعو إليه، لم يقبل من كلامنا حرفا واحدا، رغم ما قدمنا له من أدلة وبراهين، بل إنه لم يتردد في تسفيه ما نقول، وفي اتهامنا بأننا نظلم تلميذه القديم ونتحامل عليه. ولم يكن عجيبا أن يبادل التلاميذ والمريدون شيخهم مودة بمودة، وأن يصبروا ـ إلا قلة منهم ـ على قسوته عليهم، وعلى غضباته المضرية، وعلى تسفيهه لآرائهم، والسخرية بهم بأسلوبه اللاذع، وكانوا يصبرون على ذلك كله إجلالا لعلم الشيخ وريادته وإمامته، ولعلمهم بأن الشيخ كان لهم والداً وموجها، وأنه لم يكن يصدر فيما يقول عن حقد دفين أو صلف مهين، وأنه كان معهم كما قال الشاعر: فقسا ليزدجروا .. وأنه كان إذا غضب عليهم فسرعان ما يسكت عنه الغضب، وكأن شيئا لم يكن. ولقد بلغ من كرم الشيخ ومروءته وإنسانيته، ورغبته في إحياء مآثر السلف الصالح، أنه فتح بيته لطلاب العلم على مختلف أجناسهم وأديانهم، وكان يعينهم على ما يعترضهم في إعداد رسائلهم الجامعية. ومعظمهم من طلاب الدراسات العليا، ويعلمهم منهجه الأمثل في طلب العلم وتحقيق التراث، ولا يضن عليهم بجهد أو وقت، بل لا يتردد في تقديم الكتب إليهم بنفسه، والإتيان بها من غرف المنزل الداخلية. ولقد أحب الشيخ محمود شاكر كل من عرفه عن قرب حق المعرفة، وكل من أدرك أن وراء بعض السلبيات لديه ظروفا قاهرة، ومنها ماهو شخصي خاص من ضيق ذات اليد، ومن غمط الحكام والمتسلطين على مقاليد الأمور لمكانته، وحرمانه من حقه في الحياة الكريمة، والمناصب اللائقة سواء في التدريس الجامعي حيث يتخرج على يديه أساتذتها، ويحرم عليه أن يدرّس فيها، أو في مجمع اللغة العربية، الذي لا يدانيه أحد من أعضائه في جدارته بالعضوية فيه، أو في جوائز الدولة، التي كانت تغدق على الفنانين والفنانات وعلى من يستحق ومن لا يستحق من غيرهم، ويحرم منها الشيخ محمود شاكر، وإذا كانت عضوية المجمع وجوائز الدولة قد جاءته، فإنها جاءت بعد فوات الأوان، ولعلها لم تغسل المرارة التي أحسها طوال حياته فكانت من أسباب اكتئابه وعزلته في بيته. أضف إلى ذلك حرقة قلبه ومدى يأسه، حين يرى إلى العالم العربي والإسلامي تكتنفه فتن كقطع الليل، وتتداعى عليه أمم الأرض تداعي الأكلة إلى قصعة الطعام، ويتسلط عليه المستعمرون ينهبون خيراته، ويذله اليهود إذلالاً دونه إذلال الصليبيين القدماء، بل إنه يرى إلى إليهود وهم يسيطرون على أحفاد الصليبيين بالأمس، ليجعلوهم مطية لتحقيق مطامعهم وغلبة دولتهم. وتزداد كآبة الشيخ مع الأيام، ويزداد يأسه حين لا يرى بارقة أمل، ولا بارقة فجر، وحين يرى إلى العرب الذين يفترض فيهم أن يقودوا العالم الإسلامي وقد فقدوا هويتهم، بعد أن تنكروا للغة القرآن، وبعد أن جعلوا الأدب أدباً فاسداً بمقدار فساد الحياة الأدبية، وبعد أن غربوا حياتهم، بدءا من مناهج التعليم، وانتهاءً بفصل الدين عن الدولة، والنظر إلى الدين الذي هو سر بقائهم وشريان حياتهم على أنه سبب التأخر والجمود. ومع ذلك كله فقد غالب الشيخ كآبته ويأسه، وظروفه الشخصية، ليكون بحق فارس التراث، وشيخ العربية، وأديبها الكبير، وعلى الرغم من قلة ما ترك الشيخ لأمته من المؤلفات، فإنه كان في مواقفه ومقالاته وكتبه يمثل صورة الفارس الأخير، الذي حمل راية القرآن من الرافعي، كاتب الإسلام الأكبر، واستطاع أن يقف أمام طه حسين الذي فجر تيار التغريب في هذه الأمة، حين مضى يدعو إلى انسلاخ مصر، قلب العالم العربي، عن هذا العالم، بل عن الشرق كله، ويدعو في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» إلى أن يأخذ المصريون حضارة الغرب بخيرها وشرها، وحلوها ومرها، وما يحب منها وما يستكره.. وكذلك استطاع أن يتصدى في «أباطيل وأسمار» إلى لويس عوض، الذي يمثل الجيل الذي خلف طه حسين، وزاد عليه في التنكر للتراث، وفي دفع الأمة إلى مهاوي العلمانية واليسار والاشتراكية. وقد أنكر بعض الناس أن يتصدى الشيخ محمود شاكر، وهو العملاق الكبير، لقزم لا يطاوله، ولكني أقول: لقد أراد الشيخ أن يجعل لويس عوض مثالاً لتحطيم الأصنام، التي أخذت أجيال من هذه الأمة المسكينة يعدونهم دعاة التنوير، ودعاة التقدم بعد أن تسنم الكثيرون منهم مقاليد الأمور وسيطروا على وسائل الإعلام المختلفة، وعلى دور النشر الرسمية. وإذا كانت الأمة قد بدأت صحوتها الإسلامية لتعود إلى الإسلام من جديد، فلقد كان محمود شاكر ممن مهدوا لقيام هذه الصحوة، على أساس مكين من التمسك بالقرآن ولغته الفصحى، والاعتماد على تراث الأمة، والوقوف أمام تيار التغريب، سعياً وراء منهج يعيد الأمة، كما أرادها الله، خير أمة أخرجت للناس. اللهم ارحم شيخنا كفاء ما قدم في سبيل نصرة دينك وكتابك، وتجاوز عن سيئاته كفاء صدقه، وجهاده في الذود عن لغة القرآن وتراث العربية وعن أصالة هذه الأمة وهويتها الإسلامية. نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(16)بتاريخ (1418هـ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق